كتبه إسلام يسري
في عالمنا المتسارع، من السهل أن يشعر أغلى الأصول في أي منظمة—وهم موظفوها—بأنهم مهمّشون وسط الضغوط والأولويات المتغيرة. ومع ذلك، تتصاعد حاجة الموظفين بشكل مستمر إلى التطور خارج نطاق مهامهم اليومية المعتادة. وهنا يأتي دور “مبادرات تطوير الموظفين”. بالنسبة للشركات السباقة في التفكير، فإن وضع “برامج نمو وظيفي” قوية ليس مجرد بند في قائمة الموارد البشرية؛ بل هو استثمار استراتيجي في مستقبل الشركة.
في ظلّ سيل العناوين الإعلامية حول تطوّر بيئات العمل، ليس مستغربًا أن يسعى الموظفون إلى “التعلم والتطوير” المستمر. حتى في البيئات الرقمية أو العمل عن بُعد، يتطلع الأفراد إلى برامج “تطوير المهارات” التي تضمن بقائهم على اطلاع دائم ومستعدين لأي متغيرات قادمة. إذا اقتصر دور المديرين على توزيع المهام دون رسم رؤية مستقبلية للنمو، فقد يبدأ الموظفون في البحث عن تحديات جديدة في مكان آخر.
غالبًا ما يملك الموظفون طموحات كبيرة—كالسعي لشغل مناصب قيادية أو التخصص في مجالات متقدمة مثل تحليلات البيانات. ولجعل هذه الطموحات تتحول إلى واقع، لابد من توفير دعم مستمر من قِبل المؤسسة. يمكن تصميم برامج تتيح التدرج نحو الأهداف الأكبر، مثل تخصيص مرشدين (Mentors) أو توفير موارد للشهادات المتقدمة. ومن خلال الاحتفاء بكل إنجاز يحرزه الموظف على هذا الدرب، تعزز الشركة الشعور بالتقدم الفعلي وتكسب ولاء الموظفين.
لنكن واقعيين: حتى أفضل البرامج تبقى حبرًا على ورق ما لم تدعمها ثقافة مؤسسية. يجب أن تنتشر قيمة “مبادرات تطوير الموظفين” على جميع المستويات الإدارية، مع التزام القادة بتطوير فرقهم. إذا شعر الموظف أن مديره سيعاقبه على تخصيص وقت للتعلم، فلن يشارك بفعالية في أي برنامج. أما في البيئات التي تشجع على السعي للمزيد من المعرفة وتجربة الأفكار الجديدة، ستظهر المهارات الجديدة بصورة عضوية.
لا بدّ من قياس النتائج لأي “استراتيجية تطوير مهني”. يمكن تتبع معدلات احتفاظ الموظفين بالعمل، ونسب الترقّي، ومستوى الرضا الوظيفي بشكل عام. أما إذا شعر المشاركون بأنهم لا يحققون تقدمًا رغم هذه البرامج، فلابد من جمع الملاحظات الصادقة عبر الاستبيانات أو مجموعات النقاش، ومن ثم إجراء التعديلات اللازمة. إن المراجعة المستمرة للأهداف والنتائج تضمن تحقيق الفعالية بل وتحديد معايير جديدة للتميز.
قد يكون من المغري تأجيل تنفيذ خطط تطوير شاملة عند حدوث أزمة مفاجئة. لكن المؤسسات التي تدوم وتزدهر هي تلك التي تعي أن “التعلم والتطوير” ليسا مجرد موجة عابرة. فمن خلال بناء مسارات منظمة وداعمة، لا تقود الشركة تطور قوتها العاملة فحسب، بل تؤسس أيضًا لبيئة عمل قادرة على مجابهة التحديات المستقبلية. إن فريقًا من الموظفين المستمرين في النمو والمرتبطة مصالحهم بمصالح المؤسسة هو القاعدة الصلبة للابتكار المستدام.
إن الالتزام بـ “برامج النمو الوظيفي” يعني أولًا الالتزام بمصلحة الموظفين. فحينما تتضح أمام الموظف سُبُل التطوّر، ويجد دعمًا قياديًا حقيقيًا وموارد عملية، سيبادلك هذا الاستثمار بالولاء والإبداع والالتزام بأهداف مشتركة. وإذا لم يكن ذلك أساسًا لبناء مؤسسة قوية ومستدامة، فما هو الأساس إذن؟
تواصل معنا
القاهرة
الشارع الشرقي، قطعة رقم ب- 340، البنفسج 11، محافظة القاهرة
هاتف: 002 0220 21615
الرياض
الطريق الدائري الشرقي الفرعي، الربوة.
تواصل معنا
جولدن كولر - جميع الحقوق محفوظة - ©2024