كتبه إسلام يسري
في عصرٍ تتنافس فيه إعلانات الوظائف والمزايا المكتبية والمنصات الرقمية على جذب انتباه الموظفين، يظلّ هناك عنصرٌ يمتلك ثقلاً لا يمكن إنكاره: الثقافة المؤسسية. ومع أن الكثيرين قد يرونها مجرّد صيحة عابرة، إلا أن الواقع يؤكد أنها الأساس الذي يقوم عليه نجاح المنظمات، وغالبًا ما تكون العامل الأبرز في رسم ملامح علاقة الموظفين الجدد بمؤسساتهم؛ فإما أن يصبحوا سفراء متحمسين لقيمها أو يكتفون بدورٍ مؤقت بلا التزام حقيقي. ورغم إدراك معظم القادة لأهمية الثقافة، فإن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية البدء والحفاظ على عملية تطوير ثقافة مؤسسية فعّالة.
لماذا الثقافة مهمة؟
عند النظرة الأولى، قد تبدو “البيئة الإيجابية في العمل” ميزة إضافية لطيفة فحسب. لكن الواقع يكشف عن رهانٍ أهمّ من مجرّد رفع المعنويات: فالدراسات تشير إلى أن الفرق التي تشعر بالتقدير والاحترام والانتماء لأهدافٍ مشتركة تحقق أداءً يفوق غيرها. والسبب في ذلك بسيط، إذ يزدهر الأفراد حين يؤمنون بما يفعلونه ويوقنون بأن قياداتهم تؤمن بقدراتهم أيضًا.
المنهجية الاستراتيجية
إن بلورة ثقافة مؤسسية تليق بمنصات التميز لا يمكن أن تتم بين ليلة وضحاها؛ بل هي ثمرة استراتيجيات واعية لبناء ثقافة بيئة العمل، تستند إلى معاملة الموظفين بوصفهم شركاء فاعلين لا متلقين سلبيين. البداية تكون بتحديد القيم الجوهرية التي تُشكِّل هوية المؤسسة. فهل تُولي الاهتمام للشفافية والتواصل الصريح؟ أم تركّز على الابتكار وتقبل المخاطرة والإخفاقات كجزء من التعلّم؟ وعند تحديد هذه المبادئ والالتزام بتطبيقها، يرسم القادة معالم السلوك المتوقّع وسبل التعاون على كافة المستويات.
ركائز بناء الثقافة المؤسسية
التطوّر والتكيّف
المؤسسة الناجحة لا تعرف الثبات؛ فهي تتطور باستمرار. وهذا ما ينطبق أيضًا على التحوّل الثقافي. تساعد عمليات التقييم الدورية للثقافة، واستطلاعات الرأي، والحوارات المفتوحة في قياس مدى الرضا والاندماج لدى فريق العمل. فإذا اتضح أنكم ابتعدتم عن المسار—كأن تقلّ الشفافية أو تصبح القرارات أحادية الاتجاه من الأعلى إلى الأسفل—فإنه يمكن وضع خطة لإعادة تصويب المسار. فإدخال تعديلات مستمرة يساعد كثيرًا في الحفاظ على أفضل المواهب وتعزيز بيئة عمل صحية.
الحفاظ على الزخم
تخيّل الثقافة المؤسسية كحديقةٍ تحتاج للرعاية الدائمة؛ لا يكفي أن تزرع البذور ثم تنصرف، بل عليك سقايتها وتشذيبها وربما إعادة زراعتها إذا لزم الأمر. وبلورة ثقافة مؤسسية تليق بمنصات التميز تتطلب نفس العناية المستمرة. احتفل بالإنجازات، وامنح المتميزين التقدير الذي يستحقونه، وأشرك فريقك في القرارات الحيوية. والأهم، كُن منفتحًا على التغذية الراجعة. فالبيئات الأكثر تميزًا هي تلك التي تتجاوب مع حاجات السوق وفريق العمل المتغيرة، وليست تلك التي تظل جامدة في مكانها.
الحصاد
الثقافة المؤسسية الواضحة والمتينة تؤثر إيجابيًا في كل من يمرّ بها، من موظفين وعملاء وشركاء. وعندما يشعر الناس بأن منظومتك ليست مجرد مكان للعمل بل مجتمعٌ يربطهم بأهداف مشتركة ويمكّنهم من الإبداع، عندها تكون قد مهّدت الطريق لنجاحٍ مستدام. وفي ظل تنافسية السوق الحادة في عصرنا، قد تصبح هذه الثقافة هي أقوى سلاحٍ تمتلكه المؤسسة.
تواصل معنا
القاهرة
الشارع الشرقي، قطعة رقم ب- 340، البنفسج 11، محافظة القاهرة
هاتف: 002 0220 21615
الرياض
الطريق الدائري الشرقي الفرعي، الربوة.
تواصل معنا
جولدن كولر - جميع الحقوق محفوظة - ©2024